القائمة الرئيسية

الصفحات

سوق المنزل : «الفندق» في خبر كان

 


 احمد المباركي - المنزل

إلى وقت قريب كان «السواقة» من مختلف دواوير بني يازغة يتنقلون إلى السوق الأسبوعي للمنزل على ظهور الدواب من بغال وحمير وذلك بسبب قلة او انعدام وسائل النقل و رداءة الطرقات ،.
لقد كانت الطرقات والمسالك المؤدية إلى السوق تعرف حركة دؤوبة منذ الساعات الأولى للصباح خصوصا بالنسبة للذين يتاجرون داخل السوق او الذين يبيعون بعض المنتوجات لاقتناء ما يحتاجون من اغراض، تلك الدواب والتي كانت تعد بالمئات كان يتم تجميعها داخل مساحة كبيرة محاطة بسور وباب واحد وتسمى «الفندق» والذي كان مرفقا هاما من مرافق السوق ويساهم في مداخل الجماعة بمبلغ لاباس به سنويا لقد كان هذا المرفق يسير في البداية من طرف عمال تابعين للجماعة لينتقل بعد ذلك التسيير للخواص في صفقات كراء لمدة سنة وبسمسرة عمومية تقوم على فتح الأظرفة وهي صفقات كانت تشتم منها رائحة؟
 
وقد كان الأداء عن كل بهيمة يتم عند إخراجها من الفندق والثمن لعدة سنوات كان يتراوح بين 50،فرنكا ودرهم واحد،،،
وكل بهيمة يؤدى عنها كانت < ترشم > على وجهها بصباغة في الغالب حمراء او زرقاء،.
ذالك الفندق كان بمثابة مسرح مفتوح ودون ستار وبالمجان بالنسبة للأطفال وحتى بعض الشباب للتفرج على عمليات الركض والركل والرفس والمعارك الضارية التي كانت تتم داخله ،خصوصا بين الحمير على ؟ «الأتان» (انثى الحمار)؟ ؟؟
 
ذلك الجمهور كان يتخذ موقعا له مكانا مرتفعا عن سور السوق من جهة «حوانيت اللحم» ليكون الفندق لوحة مفتوحة امامه خصوصا وان الفندق كان في مكان منحدر، أحيانا كان بعض الباحثين عن بهائمهم داخل الفندق يتعرضون لعمليات ركل مؤلمة تثير الصياح والضحك بين الجمهور الصغير.،،،
 
لقد كان الفندق قاطرة وسببا في ازدهار مجموعة من الحرف التي كانت تستفيد من وفرة البهائم وكثرتها داخل القبيلة ك:
 
  • الحدادة. : الحداد كان يصنع« الصفائح» و«الصرايم » وغيرها وغالبا ما كان يشتغل «غيارا» اي يقوم بتغير او تبديل «صفائح» البهائم القديمة ب «صفائح» جديدة باستعمال مسامير خاصة ويقوم كذلك بتقليم حوافر الدواب التي «طيفت » (وهو مصطلح يازغي يعني كبرت زيادة عن اللزوم ) باستعمال آلة حادة (spéciaIe) ومطرقة. وآخر حداد عرفه المنزل بغض النظر عن الذين كانوا يأتون (وربما لازالوا ) من خارج القبيلة رجل عرف باسم ولد السي علي الحداد كانت ورشته امام المسجد العتيق وكان يتوفر علي «كير » كبير لاشعال النار .... كما كان هناك من يمتهنون «الغيارة» فقط كولد عليلو من المنزل و «الصانع» رحمه الله ...
  • البرادعية : وهم الذين كانوا يصنعون «البرادع» بمقاساتهم ،واحيانا تحت طلب الزبون وبمقاسات بهيمته.
  •  صناعة «الزنبيل» اليازغي والتي كانت من اشهر الحرف ولا يمكن ان يخلو اي بيت يازغي من هذا المنتوج الى جانب «القفة» ( وتلك حكاية اخرى)
تلك المنتوجات او تلك الخدمات كانت تعرض على الزبناء افي مساحة امام باب الفندق ،
 
اليوم اختفى هذا المرفق وصار من الماضي وتمت تسوية ارضيته وانقرضت مهنة الحدادة وربما لم يبق الا«الغيار» اما صناعة البردع والزبيل فتعرف تراجعا كبيرا ووجودها مرتبط بوجود البهائم، التي تعرف اعدادها تناقصا مهولا سنة بعد سنة، بل يوما بعد يوم، لدرجة ان عملية «المداولة» أصبحت تتم بالحمير بين اسر كانت الى وقت قريب تمتلك عدة بهائم و «عودة» (مثلا لحرث الفول) وهذا التراجع المهول في اعداد البهائم داخل القبيلة مرده الى عملية المكننة الشمولية للفلاحة (حرثا ودرسا واليوم حتى حصادا ) وكذلك تحسن حالة الطرق ووفرة وسائل النقل وربط المنازل بشبكة الماء الصالح للشرب ،
 
ملاحظة : عدد البهائم يختلف من دوار لدوار وذلك حسب الحاجيات ونوعية الاراضي

تعليقات