القائمة الرئيسية

الصفحات

سوق المنزل: حلاقة بنكهة الماضي

أحمد المباركي - المنزل

جرت العادة ونظرا لوعورة المسالك الطرقية والتي كانت الدواب لا تقطعها إلا بشق الانفس و كذلك بسبب نذرة وسائل النقل، أن توجه الطفل اليازغي إلى السوق الاسبوعي كان بمثابة عيد بالنسبة له حتى أنه أحيانا قد يفارق النوم جفونه طيلة الليلة التي تسبق يومي الأحد والاربعاء، فتحقيق
ذلك كان مرتبطا بمناسبات معينة لعل أبرزها «التحسان» أي الحلاقة.  وهكذا ففي الصباح الباكر يردفه أبوه وراءه على ظهر الدابة المحملة بشيء من الحبوب او القطاني ،او خروف أو غير ذلك، كم كانت تبدو الطريق إلى السوق طويلة في مخيلة ذلك الطفل الذي اشتاق لحلويات السوق من فرفارة، جبان، العب وكل، الاسفنج، زعبول، وربما متابعة المعارك الطاحنة التي كان يعرفها «الفندق» وأشياء اخرى؟؟؟؟

عند الوصول الى السوق يسلم الولد الى الحلاق الذي يسأل الاب سؤالا واحدا «عادي أو طراس» يجلس الولد على ذلك الكرسي الخشبي الطويل منتظرا «نوبته» أي دوره .

أثناء ذلك الانتظار الذي قد يكون طويلا ييستمتع الطفل بالاحاديث التي كانت تدور بين المنتظرين من الكبار خصوصا اصحاب اللحي الطويلة و«الرزات الضحمة»، والذين كانوا يحكون عن مغامراتهم في «لاندوشين» وعن حج بعضهم مشيا على الاقدام وعما فعله القائد العربي بالقبيلة وعن مكره ودهائه •••و•••• حكايات لو سمعها مهتم بالسينما لأحبك منها 
سيناريوهات لأفلام كوميدية او درامية وحتي حربية فذلك الحديث وتلك الحكايات كانت كلها اثارة وتشويق، أثناء انتظار «النوبة »كذلك قد تشاهد تساقط حشرات صغيرة من رأس الزبون وتبدو واضحة للعيان خصوصا إذا كان الثوب الملفوف حول عنق الزبون ذو لون أبيض ،وقد كانت تلك الحشرات شيئا عاديا خصوصا وأن النساء كن ينظمن عمليات «فلي» أحيانا تكون جماعية وب«النوبة» تحت اشعة الشمس للتخلص منها . كذلك قد يلاحظ المنتظر لدوره تساقط قشور صغيرة تنفلت من مخالب الآلة العجيبة تشبه في شكلها «النخالة » من رأس احد الزبناء. وكل مايقوم به الحلاق هو «نفط» ذلك الثوب ولفه مرة اخرى حول عنق زبون آخر، وكان للحلاق مرآة عجيبة أحيانا تكون عبارة عن «شقف» من مرآة تكسرت ...

بعد «التحسان» وبعد عودة الاب الذي يكون قد قضى اغراضه يناول الحلاق بعض النقود غالبا كانت ذات لون اصفر ثم اذا كان الطفل صغير السن لا يفارقه وقد يصحبه لتناول الشاي و الاسفنج او الشواء ،، او ،،،،او 
اما ان كان الطفل قريبا من «البلوغ » وحتى« بالغا » قد يحصل على بعض النقود لتكون الخيارات امامه متعددة :
أكل الاسفنج، شراء الحلويات، زعبول، جبان،... وهناك من كان يذهب عند «اللاص» او عند مول «الصوطة» او مول «الحبل» او عند «مول السويرتي» ،•••او ••• وذلك طمعا في الربح لكن هيهات هيهات دائما ما كان يعود «بخفي حنين» اي «لا ديدي لا حب الملوك » ومن اغرب ما كان يقوم به بعض الاطفال، شراء ذلك البطيخ. الصغير وتقطيعه «بموس الحلاقة» المستعمل وتنظيفه كان يتم باللعاب وفركه وحكه على الركبة...

معظم الذين مارسوا مهنة الحلاقة آنذاك كانوا يقومون بعملية ختان اطفال القليلة، ومن اشهرهم العربي المطرناغي ..
وبعض هؤلاء فتح دكاكين داخل المنزل، وبعضهم قام بتغير الحرفة مثل «محي» الملقب ب «كر•••»ّ

اليوم السوق لم يعد ينصب به سوى «قيطونين اوثلاثة» وفي ركن مهمش ومنزو من السوق والاقبال عليهم اصبح ضعيفا وغالبا ما يقتصر على كبار السن وذلك في ظل المنافسة الشديدة للحلاقة العصرية بآلاتها وتسريحاتها من «تشويكة » و«قنزعة» و ••••و••• فرحم الله زمن «الفرقة عوجة» «وطراس» و«الهيبي»...
           المهم : الهدرة بزاف والسكات احسن

         

تعليقات