القائمة الرئيسية

الصفحات

الكاتبة اليازغية هاجر المغاري : الكتابة وليدة الألم

هاجر المغاري

الكاتبة اليازغية هاجر المغاري : الكتابة وليدة الألم

لكل شخص منا سر أو مشكل ليس بمقدورنا أن نثق بأحد لحكايته له و لا نعرف رد المستمع عليه لذلك الأغلب من الناس الكتومين يلجؤون إلى الكتابة، فالكتابة تسمى وليدة الحزن، و الآلم الدفين بين الضلوع الذي ينهش السعادة و الفرح، عندما تحس أن الكلام يتمخض في خاطرك لم يعد لصدرك طاقة على تحمله لمزيد من الزمن، فحين تطعن من أبيك، و حين تهجر من أمك، حينما تخذل من الحبيب الذي أشعل مصباح حياتك و أطفاها بكبسة زر، حين تغدر من قبل أصدقائك، و عند فشلك في أن تثبت عضويتك في هذه الدنيا، مكتفيا أن تشاهد دون أن تتحدث، تشاهد شمس حياتك تغيب و خيوطها البرتقالية تخنقك، حينما تدعو الله و لا يستجيب لك لحكمته، و حينما تعيش في مجتمع بلا آذان، حينما تصبح صوتا غير مسموع و كلماتك في مجتمعك ليست إلا أوراق خريف هشيمة تذروها الرياح، حينها يكون لجوءك إلى القلم الذي هو صوت حزنك و أنين جروحك و الورقة التي هي الآذان الصاغية لك دون أن تقطع دمعك أو حتى كلماتك تظل تسمعك و أنت تتحدث حتى تطمئن و تهجع من آلامك و دون أن تخشى أي شيء، تتحدث بصراحة مثل حديثك مع الرب في جوف الليل، تبوح بما تشاء و تدعو لمن و بمن تشاء، تظل أنيستك حتى تتورم أصابعك من الكتابة أو أن تضع نقطة النهاية، دون أن تشتكي من الملل أو أن تتحجج بضيق و قتها، لا تحس بآلم ضغط القلم عليها و لا حتى بقصوة الكلمات التي تتشكل فوقها بالطريقة التي تحلو لك؛ لا وجود للمحرمات في سطورها أشتم، إلعن، إعترف بجرائمك حتى، فلن تفشي شيئا. حتى كبار الكتاب مثل بلزاك و هيغو عاشوا في الحياة جروحا جعلت منهم مشاهير الكتاب في زمنهم فالأول كان مهجور الاصدقاء و إبن أم لا مبالية ثم أصبح فاشلا في تجارته … و الثاني تمت خيانته من لدن زوجته … فقط الكتابة هي من تخرج كل المكبوتات إلى الواقع دون أن يعرفها أحد و وراءها يقبع الإستقرار الداخلي لكل خجول كتوم.

تعليقات