القائمة الرئيسية

الصفحات

أطباق الدروس الخصوصية

جواد العياشي


أصدرت قبل أيام وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني مذكرة وزارية، تعلم فيها الأطر العاملة تحث وصايتها بمنع الدروس الخصوصية. وما هو إلا أمر أثلج صدور البعض، وأثار استغراب البعض، وبالطبع حفيظة البعض.

اعتمادا على القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، والذي يعد ثاني وثيقة أساسية تنظم الحياة المهنية للموظف بعد الدستور، إذ يشار فيه وبالضبط في الفصل رقم 15 إلى أنه يمنع منعا باتا مزاولة أي عمل مذر للربح كيفما كان وكيفما كان نشاطه، مستثنيا التأليف فقط بالنسبة لنساء ورجال التعليم. وهو البند الذي جعل البعض يطرح أكثر من علامة استفهام، متسائلين أين كانت الوزارة قبلا؟ ولماذا في هذه الظرفية بالذات؟أو ماذا تغير فيها؟.

فمن المتعارف أن كل موظف مدرك لما له ولما عليه من حقوق وواجبات!. غير أن تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية منذ زمن بعيد، جعلت البعض يحذون حذو من سبقهم فيها، لأنها فرصة أخرى لكسب المال وإغلاق بعض الثقوب المادية وترقيع الحالة المادية، فالربح منها يحذب العديد من نساء ورجال التعليم بمختلف أسلاكهم.

وهنا سنصنف هؤلاء الأشخاص إلى صنفين رئيسين لا ثالث لهما.

الأول يليق أن نقرن اسمه بكلمة الأستاذ والثاني لا أظن ذلك، فهو بعيد كل البعد عنها من الناحية التربوية والأخلاقية ناهيك عن الاجتماعية.

أما الصنف الأول، فهو أستاذ مجد يعمل بكد وبجهد داخل قسمه، واضع نصب عينه هدفا واحدا، وهو إيصال المفهوم ونقله بشكل ديداكتيكي للمتعلم في كل أوقات عمله داخل فصله، مما يجعله ذلك الأستاذ الذي يكتسب احترام متعلميه طواعية منهم لا سلبا منهم. غير أنه يمارس في أوقات فراغه عملا مدرا للربح سمي بالدروس الخصوصية، جاء المتعلمون إليها رغبة منهم في تطوير تعلماتهم، وتجاوز تعثراتهم التي تتراكم شيئا فشيئا، وبتشجيع من أهلهم. وإن صح التعبير فهم من يبحثون عن هذا الأستاذ، فلا يمكن أن نلومه في هذا فهو لم يضرب أحدا على يده للقدوم ولم يعلمهم حتى بأنه يقدمها غير أن صيته سبقه إن صح التعبير. رغم إخلاله بالقانون المنظم لعمله، لأنه أصبح متجاوزا بعدما غض النظر عنه لسنوات عديدة، لكن تم تذكره اليوم مما صار لزاما عليه التوقف تطبيقا له.

أما الصنف الثاني، فهو شخص يعمل في مهنة التدريس، ينتظر أي فرصة لكسب دريهمات معدودة تغنيه مشقة التفكير في تقسيم راتبه لإتمام الثلاثين يوما. وما هو إلا شخص لايعطي ما عنده داخل الفصل ويمضي حصته يعد دقائق انتهائها، تتخللها أحيانا أوقات قصيرة لتدوين بضعة أسطر على السبورة. يقوم ذلك الجالس في الطاولة بتدوينها في دفتر، واضعا في ففكره أن ذلك الشخص سيقوم بشرحها في المساء عندما يقبعان معا داخل فصل من نوع أخر، تم الاتفاق مسبقا على ثمنه. فقد اقتاده ذلك الشخص إلى شراك دروس خصوصية رغما عن أنفه وإلا لن يرى نقطة فوق المعدل ترفع من معدله. وهنا يستعمل أسلوب الترهيب والحث على القدوم إليه مما ينتج عليه انصياع للأهل رغم رفضهم لذلك وأيضا للمتعلمين، وهذا النوع هو ما جعل الطين يزداد بلة وانطبق عليه قول "حوتة وحدة كتخنز الشواري".

لايمكن أن نلوم الصنف الأول بما اقترفه الأخرون، وما كنا عنصرا في تفاعله، فلا يمكن لأولياء الأمور أن ينفوا أنهم من يدفعون الثمن المادي لهم، وبالتالي من شجع على هذا، وهم من يدفعون الثمن الناتج عن تصرفات الصنف الثاني. كما أنه صار لزاما على كل أستاذ تطبيق المذكرة.


غير أنه وجب العمل معا للرقي بأساس أمتنا، واقتراح ما نراه نحن مناسبا لتحسين منظومة التعليم عندما تكون للوزارة أذان صاغية لا صماء ذات توجه منفرد في إصلاح التعليم.

تعليقات