القائمة الرئيسية

الصفحات

بورجيلة أو الصراط الدنيوي


بينما تُهدر أموال الدولة في تنظيم مهرجانات لا فائدة منها يتم من خلالها استقطاب هيفاء واليسا وغيرهما ممن يسمون أنفسهم مجازا فنانات ويعُدن بعد ذلك سالمات غانمات إلى بلدانهن بعد أن ينلن نصيبهن من الكعكة كلٌ حسب حضورها وبلاءها في الميدان ومدى استعراضها لما جادت عليها به عمليات التجميل من حُسن مظهرٍ وفتنةِ جمالٍ.

هاته الكعكة التي يكتفي سكان هذا البلد الحبيب بمجرد مراقبة تقسيمها وتداولها بين المحظوظين وكلهم يقين أنهم لن ينالوا منها شيئا.

وبينما تسهر الدولة ممثلة في جامعتها الوطنية لكرة القدم على التعاقد مع مدربين عالميين مقابل مبالغ خيالية لا يستصيغ المواطن العادي حتى مجرد استيعابها ٠

بينما٠٠٠٠٠٠

بينما٠٠٠٠٠٠

هكذا تضيع أموال الدولة وتضيع معها أحلامنا و أحلام أبناء هذا الوطن، بينما يقبع سكان العديد من القرى المغربية في عزلة شبه تامة عن محيطها الخارجي، هؤلاء السكان البسطاء الذين لا يحز في أنفسهم سوى الإهمال المتواصل الذي يقضُّ مضجعهم من طرف مسيري بلدهم والساهرين على أمورهم من منتخبين ونواب الأمة، هؤلاء الذين لا يكفون عن مصافحة كل من صادفوه في طريقهم خلال الحملة الانتخابية ، والذين لا يتوانون عن التلويح بتحياتهم يمينا وشمالا مصحوبة بابتسامة عريضة تخفي وراءها العديد من المصالح الخفية، هؤلاء المنتخبين الذين يختفون دقائق معدودة بعد انتهاء عملية الاقتراع ، و الذي من المفترض أن يسعوا جاهدا إلى إجبار أي ضرر يؤرق هذا المواطن البسيط ويساعدوه على أن يحيا حياة عادية٠

وخير مثال على ما سبق ذكره هو ما تعيشه ساكنة العديد من الدواوير بقبيلة بني يازغة ( سيدي يوسف، المدشر، قلعة سعيد) وغيرهم بإقليم صفرو ، والذين يفصلهم عن مدينة المنزل نهر سبو ، هذا النهر الذي يعتبر من أضخم الأنهار بالمغرب٠

فبعد الأمطار الطوفانية التي عرفها المغرب عموما وهذه المنطقة خصوصا في السنوات الأخيرة ، انهار الجسر المثبت فوق النهر مما خلق حالة من الاستياء لدى سكان هذه المنطقة خصوصا بعدما تأخرت كثيرا إعادة بناء هذا الجسر، والتي لا أمل يلوح في الأفق حول إعادة بنائه فعلا إلى حد اليوم٠

سكان هذه الدواوير إلتجؤوا إلى وسيلة جد تقليدية ، كان يستعملها أجداد أجدادهم لعبور النهر قبل بناء الجسر المذكور، وهذه التقنية البدائية التي لا تليق بمغرب القرن الواحد والعشرين يسمونها (بورجيلة) ، وهي عبارة عن حبل ممدود عبر ضفتي النهر ، وعبره ينتقل صندوق حديدي يمتطيه الراكبون ذهابا وإيابا مع العلم أن التنقل يعتمد أساسا على الطاقة البشرية، كما يوضح الفيديو.








وسيلة تفي جزئيا بالغرض رغم خطورتها البالغة، ففي لحظة العبور تكون حياة المواطنين معلقة في حبل قد يتمزق في أي لحظة وبدون سابق إنذار ، وذلك بسبب كثرة الأشخاص الذين يتوالون على العبور وكذلك بسبب الأدوات البسيطة المستعملة لإنجاز هذا الحل الترقيعي ، والتي مع بساطتها إلا أنه لولا تضامن وإتحاد هذه الساكنة لِجمع تبرعات شخصية من مالهم الخاص لَما استطاعوا اقتناء هذه الأدوات.
وفعلا قد سُجلت عدة حالات سقوط من طرف الراكبين لكن لحسن الحظ لم تُسجل وفيات وذلك لأن حالات السقوط هذه شملت شُبانا تمكنوا من مقاومة التيار المائي الشديد ، فالألطاف الإلهية رفضت أن تزيد الطين بلة و أن تضاعف معاناة هؤلاء المواطنين، ولكن وكما يُقال ليس في كل مرة تسلم الجرة ، فتخيلوا لو انقطع الحبل في حالة ركوب امرأة حامل أو عجوز مسنة أو شيخ هرم أو طفل صغير، فالأطفال الصغار يجدون أنفسهم مجبرين على إجتياز هذا الصراط الدنيوي مرتين في اليوم من أجل الالتحاق بإعدادياتهم وثانوياتهم ، هذا الصراط الذي قد يوصلهم إلى بر النجاة كما قد يوصلهم إلى حتفهم غرقا.


يظهر حجم المعاناة جليا أيضا عندما نعلم أنه لكي يصل هؤلاء السكان إلى أقرب سوق أسبوعي والذي يُنظم مرتين في الأسبوع بمدينة المنزل من أجل قضاء مآربهم وحاجياتهم الضرورية ـــ والكل منا يعلم مدى ارتباط البدويين بالسوق الأسبوعي ـــ يلزمهم ركوب صندوق الموت كما يحلو للبعض تسميته لما تحيط به من مغامرة، بل والأكثر من هذا فحتى المرضى لا يسلمون من ركوبه ، فما من مريض أراد استشارة طبيب أو زيارة المستوصف إلا و ألزمه الأمر امتطاء هذا الصندوق، مما يجعل الكثيرين يفضلون عدم الذهاب أصلا .

هــــذا نــــداء فهل من آذان صاغية ؟؟؟؟؟؟؟؟



* من أرشيف هسپريس

تعليقات